بعبارة أخرى هل يتغير وصف لجريمة من جناية إلى جنحة ومن جنحة إلى مخالفة ؟ أم يبقى للجرم وصفه القانوني ويكتفى بتخفيف العقوبة ؟
إن وجود العذر يغير وصف الجريمة من جناية إلى جنحة ومن جنحة إلى مخالفة، والسبب في ذلك أن القانون عاقب الجناية المعذورة بالحبس وهي عقوبة جنحية، كما أجاز تحويل العقوبة الجنحية المعذورة إلى عقوبة تقديرية، ومن المعلوم أن الوصف القانوني للجريمة يحدد حسبما يعاقب عليها بعقوبة جنائية أو جنحية أو تقديرية م 178/1 عقوبات.
لقد رتب القانون تخفيف العقوبة على ظروف الجاني، فهل يصعب في أية جريمة مهما كانت خطورتها أن لا تجد لجانٍ عذراً مخففاً؟ فتارة الجاني شاب يافع وتارة هو متقدم في السن، وتارة دفعته للجريمة الغيرة على الشرف والعرض، وتارة استفز لارتكاب الجريمة، وتارة وقع تحت مؤثرات قوية، وتارة دفعته للجريمة عقيدته السياسية أو الوطنية، إلى غير ذلك من الأعذار التي لا تفرغ منها جعبة الجناة والمدافعين عنهم، وهل يستطيع القاضي أن يصم أذنيه فلا يسمع دفاعاً، ويغلق قلبه فلا يرحم ضعيفاً، ويوقف علقله فلا يفكر في ظروف المتهم ولا يقدرها، خصوصاً إذا أحكم ترتيبها وأحسن عرضها؟ صحيح أن القانون أجاز للقاضي أن يأخذ بظروف الرأفة ولم يلزمه بها، ولكن هذا الجواز بالنسبة للقاضي يساوي تماماً الإلزام بل هو عين الإلزام؛ لأن الاعتراف بالظروف المخففة وترتيب أثر قانوني لها هو بمثابة تقرير حق الجاني قبل القاضي أساسه هذه الظروف المخففة، فأي قاضٍ يستطيع أن ينكر على الجاني حقه، أو يستطيع أن لا يرتب على دفاعه إذا صح أثره؟
وهذا ماأكدته محكمة النقض السورية في قرار لها يقول: «….. من المتفق عليه فقهاً وقضاءاً أن التخفيف لعلة قانونية يبدل طبيعة الجرم حسب العقوبة التي يستحقها المجرم، فإن كان الوصف جناية وفرضت عليه عقوبة جنحية لصغر سنة أو لمعذرة قانونية فإن الجرم يصبح من نوع الجنحة حسب عقوبته الأخيرة، أما إذا كان التخفيف لأسباب تقديرية فان ذلك لايؤثر في وصف الجرم» جنا 54 ق 58 ت 13/1/1962 ـ أ. ياسين الدركزلي ـ أديب استانبولي ـ الجزء الأول ـ القاعدة 1222 ـ ص: 646.
محامي أفضل محامي محكم محامي اونلاين محامي متمكن محامي جنائي محامي تجاري محامي شركات محامي تركات محامي ورثة محامي قضايا عمالية عندي قضية عمالية تجارية أحوال شخصية محامين محامون محامي مؤسسات مستشار قانوني محكم قانوني محكم قضائي
وقد أخذت محكمة النقض المصرية بهذا الاتجاه في قرار لها يقول: «إن الطريقة التي اتبعها القانون المصري تثبت بوضوح، إن كان هناك حاجة إلى الوضوح، أن القتل المقترن بهذا العذر في اعتبار الشرع المصري يكون جريمة مستقلة في حد ذاتها، وأن المعاقبة عليها بعقوبة الجنحة البسيطة يعطيها صفة الجنحة بلا أدنى ريب» نقص مصري بتاريخ 10/4/1915
ويترتب على تغيير وصف الجريمة من جناية إلى جنحة:
أ ـ يجب على قاضي التحقيق وقاضي الإحالة إحالة الفاعل إلى المحكمة المختصة بمحاكمة الجرم بوصفه الجديد كمحكمة البداية أو الصلح حسب نوع الجريمة، أما إذا كان هناك مساهمين مع الفاعل المعذور وكانت الجريمة من نوع الجناية فإن المساهمين تبقى جريمتهم جناية حيث أنهم لايستفيدون من العذر وبالتالي تحال الدعوى برمتها إلى محكمة الجنايات باعتبار فعل المستفيد من العذر جنحة متلازمة مع الجناية حسب المادة 174 من قانون أصول المحاكمات الجزائية.
ب ـ تطبق على الجرم جميع أحكام الجنح أو المخالفات حسب وصفه الجديد، ومن هذه الأحكام:
ـ مانصت عليه م 201/1 عقوبات: «لايعاقب على الشروع في الجنحة وعلى الجنحة الناقصة إلا في الحالات التي ينص عليها القانون صراحة»
ـ إذا وقعت جناية قتل تأهباً لارتكاب جريمة مقترنة بهذا العذر أو لتسهيلها أو تنفيذاً لها أو تسهيلاً لفرار المحرضين عليها أو فاعليها أو المتدخلين فيها أو للحيلولة بينهم وبين العقاب فيجب القول بقيام ظرف ارتباط القتل بالجنحة طبقاً لنص المادة 534/2 عقوبات لا ظرف اقترانه بجناية طبقاً لنص المادة 535/2 عقوبات المتعلق بظرف ارتباط القتل بجناية.
استشارات قانونية ـ تسري على الجرم المقترن بهذا العذر المدة اللازمة لتقادم الدعوى العامة على الجرم بوصفه الجديد «جنحة أو مخالفة» م 438 من قانون أصول المحاكمات الجزائية، وللعقوبة الصادرة فيها م 163 عقوبات.
نسعد في مكتب المحامي ابراهيم أبو كافته محامون ومستشارون بتواصلكم على أيقونات التواصل على يمين الموقع أدناه، أو على الرقم0509904392